كيفَ تحافظينَ على حياتكِ الزوجية ؟
بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي
أُخيَّتي ، إنَّ الحياةَ الزوجيةَ لهي أشبهُ عندي بالصرحِ العظيمِ ، والبناءِ الشامخِ الذي يبنياه الزوجانِ بالتآزرِ والتعاونِ ، ويقيمانه على أسسِ المودةِ والرحمةِ بيْدَ أنَّ هذا الصرحَ يتعرضُ لتصدعٍ ، إذ تؤثرُ فيه ضغوطاتُ الحياةِ من ناحيةٍ ، وتستعرُ فيه جذوةُ المشكلاتِ والخلافاتِ من ناحيةٍ أخرى ، الأمرُ الذي يزلزلُ أركانه ، ويؤذنُ بالإتيانِ على بنيانه من القواعدِ ، وإليكِ بعضُ النصائحِ التي تعينكِ على رأبِ الصدعِ ، وتجاوزِ الأزماتِ والمشكلاتِ ، والخروجِ منها دونَ أن يفتَّ ذلك في عضدِ العلاقةِ ، ويوهنها ، فأعيريني قلبكِ وسمعكِ ، وأهمها ما يلي :
1-إنَّ السعادةَ والشقاءَ – من وجهةِ نظري – بيدكِ لا بيدِ الرجلِ الذي أنهكته الحياةُ ، وشغلته بتوفيرِ أسبابِ المعيشةِ ، فأنتِ بإمكانكِ أن تجعلي من بيتكِ مملكةً تتربعينَ على عرشها باحتوائكِ لزوجكِ ، وتخفيفكِ عنه ما يلاقي من كدرِ الحياةِ وضيقها ، وبإمكانكِ أن تجعلي من البيتِ جحيماً يستعرُ يأكلُ الأخضرَ واليابسَ ، ولا يبقي عروةً من عرى المحبةِ إلا ونقضها ، ولا آصرةً من أواصرِ المودةِ إلا وفتَّ في عضدها .
2- تذكري أنك لا تقفينَ أنتِ وزوجكِ على قدمٍ واحدةٍ ، فلا تعامليه بالندِّية ، بل اجعليه أعلى رأساً منكِ ، وأحسني تبعلكِ له ، واسمعي واطيعي في غيرِ معصيةٍ .
3-إياكِ والترجُّلِ ، فلقد لعنَ النبيُّ – ﷺ – المتشبهاتِ من النساءِ بالرجالِ ، ولا تظني بأنكِ تصبحينَ بالترجُّلِ قويةً ، وبالمحبةِ حفيَّةً ، فالرجلُ لا يحبُّ المرأةَ المترجِّلةَ ، كما لا تحبينَ أنتِ الرجلَ المُخنَّثَ ، واعلمي أن جمالَ المرأةِ في ضعفها .
4-لا ترهقيه بكثرةِ الطلباتِ ، وتوفيرِ الكمالياتِ ، بل اقتصري على الأساسياتِ والضرورياتِ ، خاصةً في زماننا هذا الذي أصبحَ فيه العيشُ كدَّاً ، وكادت الجبالُ من أنَّاتِ الرجالِ أن تنهدَّ هدَّاً .
5- أقيمي بينكَ وبينه جسوراً من الثقةِ والاحترامِ المتبادلينِ ، وإياكِ وسوءَ الظنِّ ، والغيرةَ العمياءَ ، فإنها تهدمُ ولا تبني ، وتُخرِّبُ ولا تُعمِّرُ ، وتقطعُ حبالَ الودِّ ، وتأتي على بنيانِ الحبَّ من القواعدِ .
6- عليكِ بالتغافلِ ، وغضِّ الطرفِ عن الهفواتِ ، وعدمِ إحصاءِ السيئاتِ ، وتظاهري بأنكِ لم تعلمي ، وإن كنتِ قد علمتِ ، أو أنك لم تسمعي ، وقد سمعتِ ، أو لم تري ، وقد رأيتِ ، فالتغافلُ – كما قالَ أحدُ السلفِ – – يطفئُ شرَّاً كثيراً ، وتسعةُ أعشارِ الخلقِ – على حدِّ قولِ الإمامِ أحمدِ بنِ حنبل – في التغافلِ ، وللهِ درُّ القائلِ :
ليسَ الغبيُّ بسيِّدٍ في قومه
لكنَّ سيَّدَ قومه المتغابي
7-لا تنظري إلى من فُضلتْ عليكِ في المالِ والخلقِ ، ولكن انظري إلى من هي أسفلَ منكِ ، فيستريحَ قلبكِ ، وتهدأَ نفسكِ ، وتستشعري نعمةَ اللهِ عليكِ .
8-لا تقارني زوجكِ بغيره ، بل أشعريه بأنَّه كلَّ الرجالِ ، ليرَ فيكِ كلَّ النساءَ ، وعندئذٍ تسكنُ السعادةُ بيتكما ، وتأبى أن تفارقه .
9-احفظي على زوجكِ أسراره فلا تفشيها ، وخاصةً نقاطَ الضعفِ التي يعتبرها سوءةً ويخفيها ، فإنَّ في إفشاءها كسراً لنفسه ، وتكديراً لصفوه ، وهذا كله سينعكسُ على علاقتكما سلباً وتنغيصاً .
10-استشعري معه قولَ اللهِ تعالى :{ هُنَّ لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهنَّ …} سورة البقرة آية-187 ، فاستريه ، واستتري به ، وإن أثقلته الهمومُ فقاسميه ، وإن لمستِ فيه ضعفاً فقوِّيه ؛ لتخففي من وطءِ الضغوطِ عليه ، واجعلي من نفسكِ أُمَّاً له إذا ما قستِ الحياةُ تحنو عليه .
هذه هي بعضُ الأمورِ – وهي إن لم تكنْ كلها فهي أهمها – التي إن وجدتْ لديكِ قلباً واعياً ، وآذاناً مصغيةً جعلتَ من عشيِّكما واحةً وراحةً ، وسكناً قوامه المحبةُ والأُلفةُ ، فتستشعرا عندئذٍ طعمَ السعادةِ التي لا يُلقَّاها – في زماننا هذا – إلا ذو حظٍّ عظيمٍ .