المبعوث الدولي لحماية رافعات ميناء الحديدة..!
معين برس : كتب/ محمد انعم
يتباكى المبعوث الدولي السيد جريفيتث على تدهور الوضع الإنساني في الحديدة بشكل خاص واليمن بشكل عام، وخلال زيارته الأخيرة حرص ان يلتقي بقيادات عصابة الحوثي وزيارة ميناء الحديدة، وكان لافتا انه يتفقد الرافعات والرصيف باهتمام بالغ ومن اجل ذلك عقد مؤتمر صحفيا حتى اعتقد البعض انه سيتحدث عن إصابة الرافعات بالكوليرا وسوء التغذية لكنه لم يكترث بمأسي أبناء الحديدة، واراد من الزيارة اعلان استلامه مفتاح ميناء الحديدة، وان يعطي لنفسه حق إدارة هذا الميناء.
لحظتها كانت المدينة تنزف.. وقذائف الهاون والدبابات الحوثية تقصف مواقع المقاومة بوحشية.. اعتقدنا ونحن نتجول في المدينة ان جريفتس الذي سرب قبل ساعات لوكالة رويترز خبر عدم زيارته للحديدة غير متواجد.. الى ان اتصلت بأحد الزملاء في العاصمة صنعاء فأكد لنا خبر تحرك المبعوث الدولي الى الحديدة.
المهم.. فعلها المبعوث الدولي واراد من وراء زيارته لميناء الحديدة ان يضرب عصفورين بحجر واحدة، فقد تعمد ان يحرم الشعب اليمني وخصوصاً أبناء الحديدة فرحة النصر والتحرير، وجن جنونه من انتصارات المقاومة، فطالب بلاده بان تتحرك وتدعو مجلس الامن للانعقاد لوقف تقدم المقاومة اليمنية من احراز انتصار كامل في الحديدة، وسعى جريفيتث أيضا الى انقاذ عصابة الحوثي من الهزيمة والانهيار مقابل ان يسلموا له الميناء وليس للحكومة الشرعية.
هذه هي اهداف زيارة المبعوث الدولي، بينما ظلت مدينة الحديدة وسكانها لا تعنيه في شيئ.. لان الأهم هو سلامة الرافعات في الميناء، وليس حماية المدنيين الذين تتخذ عصابة الحوثي أجسادهم دروعا بشرية ومتاريس لاستمرار حربها القذرة في هذه المدينة المسالمة.
انتهت الزيارة التامرية وخيل للمبعوث الدولي ان بنادق المقاومة اليمنية ستنام الى آخر الدهر وانها سترحب به، كما رحب الحوثة الذين يتوهمون انه بمتاجرتهم بميناء الحديدة وتسليمه للأجانب يمكن ان يقبل الشعب اليمني بذلك، بل لقد ادرك الابطال بشاعة المؤامرة وازدادوا ايمانا وقناعة بضرورة استكمال تحرير مدينة الحديدة مهما كان الثمن الذي يدفعونه.
لذا تشاهد ابطال المقاومة غير مكترثين بهذه الزيارات المكوكية والهدن الكاذبة.. فهي لاتزيدهم إلا قناعة بأن معركة تحرير مدينة الحديدة أصبحت معركة مقدسة ومصيرية.
في كل مكان تجد ان قوات المقاومة اليمنية في اتم الجاهزية لخوض المعركة الفاصلة، تدرك ذلك وهم يتحدثون معك انهم على حق.. يقنعوك بسرعة عجيبة بضرورة اجتثاث عصابة الكهنوت، خاصة عندما تجول بنظرك في تفاصيل المدينة وتشاهد العبث والدمار طال كل شيئ جميل في عروس البحر الأحمر، فحيثما تتجه ببصرك ترى صور ومشاهد تفطر القلب، لواحدة من ابشع وأفظع الممارسات الهمجية التي حدثت في غابر الازمان، فهذا ما تعيشه اليوم مدينة الحديدة وابنائها.. انها نفس التراجيديا التي تقشعر من هولها الابدان.
جرائم مليشيات الحوثي في الحديدة تشبه ببشاعتها جريمة الطاغية احمد حميد الدين الذي اباح لعكفته العاصمة صنعاء عام 1948م، انتقاماً من سكانها بعد ثورة الدستوريين، فاستباح الهمج كل شيء في المدينة.. واليوم أباح الحوثي كل ما في مدينة الحديدة لميليشياته.. دماء واموال الناس وحقوقهم.. وبنفس السرق (المهنجمين)، لكن الى الآن لم يظهر من يمتلك شجاعة (الحلبي) ويقول للحوثة: (اسرقوا.. اسرقوا.. بس بنظام
يالطيف.. حتى جريفيث جاء (يتفيد) الميناء مرة واحدة، قالها بغضب احد ابطال المقاومة واطلق يده مهددا: والله ما دخل اجنبي الميناء الا وقد اكلتنا الدود.. يا صحافة قولوا لمجلس الامن: الميناء ابعد عليهم من عين الشمس.. والحديدة مدينة ابي واجدادي ولن نقبل حوثي ولا بريطاني.. فهمتهم..!! وضرب بيده على سلاحه.. كان شرر الغضب يتطاير من وجهه الذي تغطية الاتربة، وعيناه تبعث بريقا يثير الخوف.
وقال مقاوم آخر: شوفوا ما فعل الحوثي باهلنا.. شوف مدينة الحديدة.. صوروا البيوت.. صوروا الدمار.. وجثث المغرر بهم الذين يرميهم للموت ويترك جثثهم مرمية في الشوارع.. تريدونا نسكت ونتوقف، لقد ضحينا بأغلى الرجال على طول الساحل.. كم من بطل، سقطت جماجمهم من أجل تحرير الحديدة، واليوم يبونا نرقد مثل جبهة نهم.. لا والله.. وليعرف ذلك القاصي والداني.. بنادقنا لن تستريح إلا بعد تحرير العاصمة صنعاء.. سمعتم..
لن نسمح لكائن من كان ان يسرق نصرنا بصفقة سياسية قذرة.. البلاد مش حق الحوثي.. مش حق الحوثي.. اذا سكت الاعلام.. بنادقنا لن تسكت.
قطع نقاشنا احد منتسبي المقاومة وهو يخاطب من حولنا: الغداء جاهز.. فشعرنا بمنقذ يخرجنا من هذا النقاش الحاد.
قلت لمن حولي تخيلوا ان الشاعر إبراهيم صادق يتجول معنا في شوارع الحديدة ماذا سيقول عن مآذن المساجد التي حولها الحوثيين الى اشباح يسكنها القناصة لإزهاق ارواح الأبرياء؟.. ماذا ستكون ردة فعله والحوثي قد حول عقود الفل ومشاقر الكاذي الى الغام ومفخخات، وعبثه الانتقامي الحاقد طال كل شيء في مدينة الحديدة..؟ منازل، فنادق، متاجر، محطات تحلية المياه، سوبر ماركتات، حتى محلات “السرويس” كلها أصبحت محروقة او منهوبة.. وما تبقى صارت مجرد اطلال.
وبين كل هذا الدمار والرماد، تشاهد ملازم الصريع الدجال حسين الحوثي مكدسة وكميات كبيرة من منشورات وصور وخطب الدجال عبدالملك الحوثي مرمية بقرب الشوالات الرملية واكوام من الظروف الفارغة للمقذوفات النارية المختلفة، وصور لصرعى المليشيات وبقايا حيطان وابواب محطمة وملابس قديمة ولعب أطفال مبعثرة.
كان الوقت ظهراً.. فاشتقنا للصلاة.. وبنا رغبة جامحة للتضرع والابتهال إلى الله ان يرحم أهلنا في الحديدة وكل اليمن، لكننا صدمنا عندما وجدنا ان بيوت الله في شارع صنعاء قد حولها انصار الشيطان الى متاريس ومقالب وأماكن لقضاء حاجاتهم.
الغيرة على بيوت الله ارتفعت عند الزملاء.. فقال صادق شلي مازحاً: احمدوا الله ان الحوثة لم يلحقوا يفجروا المساجد.. والله لوما طاردهم ابطال المقاومة ما خلوا بها حجر، فتفجير المساجد ودور تحفيظ القرآن وقتل الناس داخل بيوت الله مهنة محببة للحوثيين ومتوارثة من جدهم الأول أبو لؤلؤة المجوسي.
رجعنا الى المكان المفترض انه آمن داخل المدينة ومعنا (علي) أحد شباب مدينة الحديدة من منتسبي المقاومة والذي قام بمهمة مرافقتنا وتعريفنا على احياء المدينة .. ونعرفكم على (علي) الذي يصفه زملائه بالمقاتل الشجاع حيث يخوض معارك شرسة ببسالة نادرة ضد الحوثة رغبة منه بالعودة الى منزلهم الذي لا يبعد عنه الا عشرات الأمتار و ماتزال تحتله عصابة الحوثي.
تصوروا.. لم تتسع الأرض للمقاوم (علي) فهو يقاتل المليشيات في كل شارع وحارة.. يريد العودة الى عشه.. تربطه علاقة مميزة مع رفاق السلاح من ابطال العمالقة والمقاومة التهامية.. انه واحد من ابناء هذه المدينة الجريحة، والمتابع لتفاصيل التحركات داخلها..
هذا الشاب يروي زملائه عنه حكايات كثيرة ومنها.. قيامه مع عدد 5 من رفاقه باقتحام كلية الهندسة وطرد المليشيات منها خلال ساعات.. انه يقول بثقة: الحوثي بمدينة الحديدة اصبح (اسد مفرشة) ويريد المبعوث الدولي يعمل له مخالب وانياب في الوقت الضائع..!