الاحتلال الناعم| البرلمان البريطاني يكشف عن إحتلال الدول بواسطة المساعدات الإنسانية.. واليمن “إنموذجا”
معين برس | كتب- سيف الحدي:
حرب اليمن.. معاناة تتحول إلى سلعة للإتجار الدولي والعالمي لدى الدول والمنظمات، فيما أبناء البلد يدفعون ثمن ذلك من دماءهم..
منذ 2014 والحديث يدور عن الأدوار غير الصادقة للمنظمات الدولية والوكالات الأممية التي تعلنها المنظمات للجمهور وتروج لنفسها من أجل تعزيز قبولها بين الناس ومن أجل أن تغرس نفسها أكثر في صناعة الأجندة المحلية والوطنية لهذا البلد أو ذاك، وأول تلك الأدوار المشبوهة وغير الصادقة تتمثل في الدعوة المستمرة من قبل هذه المنظمات لتعزيز الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد ولكن عندما تتعمق أنت في تفاصيل عمل الكثير من هذه المنظمات سوف تجد أن تحت هذه الكلمات المعسولة والرنانة الكثير من أعمال غسيل الأموال والخداع والتضليل، وهي لا تسعى إلى تضليل وخداع الشعوب فقط، بل أيضاً تسعى لتضليل الحكومات والأحزاب الحاكمة والمعارضة كذلك وكل هذا يأتي تحت مظلة حقوق الإنسان أو التنمية أو بناء السلام أو مؤخراً بإسم الإغاثة!
ولكن ما هي الفائدة المرجوة من ذلك وماذا ستستفيد المنظمات الدولية والوكالات الأممية من سلوك هذا النهج بالتضليل والخداع؟! تجد الإجابة واضحة وصريحة تحت قبة البرلمان البريطاني وعلى لسان عضو البرلمان السيد/ توبياس إلوود الذي يشغل منصب رئيس لجنة الدفاع في البرلمان البريطاني وأيضاً هو عضو في اللجنة البرلمانية المشتركة لإستراتيجية الأمن القومي البريطاني.
في جلسة البرلمان التي تم عقدها يوم الأربعاء الموافق 25 نوفمبر 2020، طرح توبياس سؤالاً على وزير الخزانة البريطاني، السيد/ ريشي سوناك، حول إمكانية إعادة النظر في التغييرات الجديدة التي تريد بريطانيا إتباعها بخصوص قرارها تخفيض دعمها وتمويلها للمنظمات الدولية والوكالات الأممية وقال “إن هذا لا يبدو جيداً لأننا لن نكون جادين بقدرتنا على صناعة إستراتيجيات وقرارات في بعض البلدان مثل اليمن وليبيا لتلبية طموحات إزدهار وتوسع بريطانيا”!.
تخيل معي عزيزي القارئ إن هذا البرلماني يقولها بكل وضوح وصراحة إن بريطانيا تستخدم المساعدات الدولية لأجل فرض قوتها وهيمنتها على الدول الفقيرة والدول التي تشهد حروب وصراعات؟ ليس هذا وحسب عزيزي القارئ، ولكنه أيضاً عبر عن قلقه من أن تقليص المساعدات الإنسانية المقدمة للدول الفقيرة سوف يهز ويضعف “عناصر القوة الناعمة” لبريطانيا العظمى وبالتالي لن تكون بريطانيا قادرة على السيطرة على الكثير من البلدان الفقيرة وهذا للأسف -بحسب قوله طبعاً- سوف يفسح المجال أمام الصين وروسيا لتحل محل بريطانيا وتصبح أكثر تأثيراً وقدرةً على التحكم والسيطرة على هذه البلدان! فهل تعرف عزيزي القارئ ما هي القوة الناعمة؟ وهل تعرف ماذا يقصد رئيس لجنة الدفاع عندما تحدث عن رسم إستراتيجيات ما بعد الصراع؟
القوة الناعمة في المجالات السياسية يقصد بها قدرة دولة ما على التأثير في قرارات وسياسات دولة أخرى من خلال أدوات واوامر غير مباشرة وغير قسرية تقوم على أساس الترغيب والتأثير والاستقطاب، أي إن الدولة القوية تستطيع أن تقنع الدولة الضعيف باختيار وتطبيق ما تريده الدولة القوية بدون أن تعرف الدولة الضعيفة إنها تخدم مصالح الدولة القوية. أما استراتيجيات ما بعد الصراع، فإنه يقصد بها إن ينتهي الصراع اليوم بالشكل الذي يخدم مصالح الدولة القوية غداً بحيث تدور الدولة الضعيفة في فلك رغبات ومصالح الدولة القوية من تلقى نفسها وبدون أي جهد يذكر.
ولذلك ومن أجل مواجهة التأثير السلبي لهذه المنظمات يجب علينا كناشطين يمنيين وأيضاً يجب على المسئولين الحكوميين أن نكون حريصين على أن تدور في نفس مسار وفلك مصالح اليمن واليمنيين،ويعني ذلك إنه عند تنفيذ مشاريع المنظمات الإنسانية والتنموية يجب أن لا تكون الحظوة أو الكلمة النهائية للمنظمات الدولية أو الوكالات الأممية ويجب أن تعمل هذه المنظمات وفق خطط الحكومة ووفق إحتياجات الشعب وأولوياته وليس العكس. ويجب على الصالحين والمصلحين من الشباب والكوادر اليمنية أن يسعوا لكي يتقلدون المناصب في هذه المنظمات لكي يعملوا على تصحيح مسارها والأستفادة من الأموال والمساعدات المقدمة بأفضل وجه ممكن، وهنا أريد أن أقتبس كلام أحد مدراء منظمة أوكسفام البريطانية في اليمن الذي صارحته بعدم رضاي عن عمل منظمة أوكسفام بالرغم من إنني كنت أعمل فيها في ذلك الحين، فقال: “من أجل تفكيك منظومة فساد وخداع المنظمات الدولية والاممية يجب عليك أن تعمل ضمن فلكهم وأن تدور معهم حتى تنخرط وتتوغل فيهم وتصل إلى أعلى الهرم ثم تبدأ بهدم الهرم من القمة على رأس الجميع!.