البركاني استعاد مطرقة مجلس النواب ليوم واحد وأضاع المجلس
د. عادل الشجاع
مازال أغلب اليمنيين يتذكرون 2019/4/13 يوم انعقد مجلس النواب في مدينة سيئون محافظة حضرموت . وأكثر ما يتذكرونه خطاب الرئيس المتوافق عليه البركاني في ذلك اليوم وهو يتوعد الانقلابيين في صنعاء أنصار إيران بالويل والثبور. ولم يتوقف عند ذلك بل ذهب إلى أن اجتماع المجلس بمدينة سيئون يعد إسهاما في تطبيع الأوضاع بالمناطق المحررة. وذهب إلى أبعد من ذلك حين دعا الحكومة والمسئولين والقيادات العودة وإدارة شئون البلاد من العاصمة المؤقتة عدن.
الغالبية من اليمنيين الذين هجروا قسرا خارج اليمن بدأوا يحزمون حقائبهم للعودة إلى اليمن ، لكنهم سرعان ما اكتشفوا أن رئيس المجلس كان يرتب وضعه ليس إلا . فقد انشغل بالمكاسب والمغانم بدلا من القيام بدوره السياسي والتشريعي.
من المعيب على البرلمان اليمني صاحب التجربة الديمقراطية التي تمتد 27 عاما تقريبا منها 17 عاما لهذا المجلس تحديدا أن يكون دوره متخلفا عن الدور الذي يقوم به البرلمان الليبي الذي لم يتجاوز في وجوده بضع سنوات . رئيس البرلمان الليبي يجوب العالم ليجعل بلده حاضرة في المحافل والذاكرة الدولية.
كان المواطن اليمني ينتظر من مجلس النواب أن يكون اللاعب الأبرز على المسرح السياسي في اليمن وأن يسجل النواب الذين فروا من قبضة العصابة الحوثية أسماءهم بأحرف من ذهب في ذاكرة اليمنيين وأن يكونوا بحجم الأزمة التي عصفت ببلادهم وسيقفون أمامها سدا منيعا وسيجعلون من أجسادهم جسرا يعبر فوقه الحل السياسي ، لكن البيات الشتوي الذي مارسه رئيس المجلس وهو الذي أعلن أن المجلس في انعقاد دائم قد شكل صدمة لكل اليمنيين.
ولست بحاجة للقول إن إن رئيس البرلمان قد أطلق رصاصة الموت للحياة السياسية حيث أفرغ السلطة التشريعية من مضمونها وشرعن لإقصاء الشريك الرئيسي في المبادرة الخليجية ومنح الحكومة صلاحيات مطلقة بغيابه عن أداء دوره.
يعلم الجميع أن الدور المناط بالمجلس بعد إنعقاده هو مخاطبة العالم والرقابة على الحكومة والقيام بالدور المنصوص عليه في الدستور . بمعنى أدق دوره تشكيل غطاء لمواجهة حالة الاختراق في ما يتعلق بالسيادة وحالة الانفلات ، بالإضافة إلى عملية الانتقال السياسي ويكون واجهة للعملية العسكرية ضد الانقلابيين باتجاه استعادة الدولة ومؤسساتها.
فهل كان يعي رئيس البرلمان أنه أنهى العملية الديمقراطية في اليمن بإسقاطه للبرلمان ودوره. ماذا سيفعل الجيش الذي يواجه الانقلابيين إذا كان الشعب مشتت والنخب السياسية مشتتة وتشرئب أعناقها إلى الخارج ، والبرلمان غير قادر حتى على إصدار بيان يدين القصف الذي طال الجيش من قبل الطائرات الإماراتية.
يفقد المواطن اليمني كل يوم الأمل في نخبه ويدرك أن هذه النخب قد باعته بثمن بخس . لقد تزامن مع انعقاد مجلس النواب في مدينة سيئون إشهار تحالف الأحزاب السياسية الداعم للشرعية ، لكن هذا التحالف لم يحدث أي تقارب بين المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح. ولم يحدث أي تغيير في تركيبة الشرعية المشلولة.
كنا نأمل أن نتستعيد شيئا من الأمل وشيئا من الثقة ولحظة من الوحدة الوطنية ، لكننا فقدن كل ذلك بعد أن رأينا كيف توزع دماء اليمنيين كمغانم لحفنة من الذين أصبحوا سجناء مصالحهم الشخصية.