علي الفقيه يكتبها | سنكون شهوداً على فترة التمزق والإنهيار..

علي الفقيه يكتبها | سنكون شهوداً على فترة التمزق والإنهيار..

معين برس | علي الفقيه

كنا نقرأ في كتب التاريخ عن تمزق البلدان وانهيار الأنظمة والدول، ولم يكن يخطر في بالنا أننا سنكون شهوداً على حقبة مشابهة وسنعيش ذلك واقعاً لا رواية.

وتلعب النخبة الحاكمة في بلادنا حالياً ذات الدور الذي تلعبه النخب في أي بلد مهيأ للتمزق والانهيار.. هل يعقل أن الرئيس ونائبه وحكومته ومستشاروه خارج البلد منذ أكثر من أربع سنوات منذ دحر الحوثيين من العاصمة المؤقتة.

سيذكر التاريخ أن واحدة من مصادر شقاء اليمن أنه يقع إلى الجوار من دول لديها فائض أموال وفائض صلف فوقع ضحية لهذا الفائض.

ما حدث اليوم هو نتيجة طبيعية لمقدمات كانت واضحة خلال السنوات الماضية حيث عمل الحلفاء على تخليق واقع جديد في المحافظات المحررة واستغلال نزعة انفصالية لدى تيار في جنوب البلاد، وهذه النزعة وهذه التيارات موجودة في كل بلد وتظهر متى ما وجدت الفرصة الملائمة.

خلال الفترة ذاتها بقيت قيادة البلد الشرعية مقيمة في الرياض وتكتفي بالحديث عن شرعيتها دون أن تترجم تلك الشرعية إلى حضور وبناء لقوات على الأرض هي التي تحفظ سيادة الدولة وكينونة البلد.

كيف تبقى في فندق تصدر قرارات تعيين وتنفق الأموال وتمني نفسك أن السيطرة على الأرض ستكون لك بينما ترى الحلفاء قد جمدوا جبهات مواجهة الإنقلابيين الحوثيين ومضوا يعززون حضورهم في مناطق لا علاقة لها بالصراع، وينشئون ويدربون تشكيلات مسلحة قوامها عشرات الآلاف ويزودونها بأحدث الآليات العسكرية وهي تعلن صراحة مناوأتها لك وأن هدفها هو الإنفصال وتمزيق البلد بالقوة؟

أتخيل أني أقرأ في كتاب تاريخ عن اليمن أن الرئيس ومسؤولي الدولة ظلوا في فندق قرابة خمس سنوات ولم يتمكنوا في نهاية المطاف من العودة لأن البلد تمزق بينما كانوا يعيشون في فندق، وقامت في ظل غيابهم أنظمة وأعيد تشكيل المنطقة من جديد برعاية ودعم الأقوياء الذين كانوا يستضيفون حكام البلد في الفندق. سيبدو ذلك من غرائب الزمان لجيل يقرأ ما لم يعايشه.

يمزق شقيقك وحليفك بلدك أمام عينيك ثم يمنحك تصريحاً بأن موقفه ثابت من دعم شرعيتك والحفاظ على وحدة بلدك.
يرسل عشرات المدرعات لمهاجمة معسكراتك وسحق ما تبقى من حضور لمؤسسات الدولة ويرسل لك الحليف الآخر عشرة مغردين ينشرون تغريدات على تويتر تؤكد وقوقفهم إلى جانبك، وبينما تخدرك تلك التغريدات يكون خصمك قد انتهى من مهمته.

يريدوننا أن نصدق ما يقولونه ونكذب ما نراه من أفعال على الأرض على طريقة التي كانت تريد أن تنفي عن نفسها ما رآه زوجها من تلبسها بالخيانة فصرخت في وجهه “تصدق عينك وتكذب أم عيالك؟!”

كم مرة قرأنا تصريحات من مسؤولين في الدولة بمختلف مستوياتهم بأن الشرعية باتت تسيطر على 80% من الأرض، وفي كل مرة كنا نسألهم هل يعقل أن لا يجد الرئيس والحكومة وأعضاء البرلمان وقادة الأحزاب موطئ قدم على هذه المساحة الهائلة، ودوماً يردون علينا بالتسفيه وادعاء الحكمة وأنهم يبقون هناك لحكمة لا نعلمها.

هل تذكرون عندما غادر صالح مشفاه في الرياض عام 2011 متجاوزاً تحذيرات الأطباء وعاد إلى صنعاء وهو لا يزال محروقاً وأصر على الظهور علبر التلفاز والحديث للشعب ووجهه محروق بالكامل، اختلفنا مع صالح كثيراً لكن روح القيادة كانت تجري في دمه، لم يكن ليهدأ ساعة في مكانه دون أن يصدر عنه فعل.

خمس سنوات نوم في الفندق وتظن أن الجيران سيرتبون لك البلد كما تريد لتعود وتحكمها من الداخل بعد أن ينتهوا من ترتيبها؟

ما يجري خارج العقل والمنطق ولا أظن هذه النخبة المعطوبة تفكر بالعودة من الأساس، بينما لقي بقية الطفيليات التي نشأت على هامش الصراع وضعاً مريحاً في الخارج وفرته لهم مرتبات بالعملة الصعبة فانشعلوا بترتيب شؤونهم الخاصة وأصبحت القضية الوطنية آخر اهتماماتهم.

لا يزال الأشقاء والجيران يضعون مخدراً موضعياً على الجرح كي تمر المخططات ويضفون عليها الشرعية بل ويقنعوننا أيضاً أنها لصالحنا ونتغنى بها كمنجزات تحسب لهم.

(سيكون لأشقائنا علينا دين كبير وسيبقى على الأجيال القادمة واجب رده وتلك ستكون وصيتنا لهم.)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى