جولة في مدينة الحديدة قبل زيارة جريفتث
معين برس: كتب : محمد انعم
انطلقت بنا السيارة في صباح الاثنين 19 نوفمبر من الدريهمي الى قلب مدينة الحديدة، كانت الطريق مزدحمة برغم ان السفر كان مبكرا، المشاهد حولنا تبعث على الامل وان الحياة تنبض من جديد، وحركة المواطنين بالخط تزاحم حركة سيارات المقاومة اليمنية..
اثناء تبادلنا اطراف الحديث كنا قد وضعنا محاذير لزيارتنا، فنحن اعلاميون.. ومن يفهم الحوثي..؟ فهو يتعامل مع الإعلاميين كاعداء في العاصمة صنعاء.. فما بالكم بالإعلاميين في جبهة الساحل الغربي.. ؟؟ولو انفجر بنا لغم.. فسيخرج عبدالملك الحوثي ومن باب البحث عن انتصار، يزعم انه نفذ عملية نوعية (بطائرة مسيرة) .. قال سائق السيارة: فمهت الرسالة ..الطريق امنه الى وسط المدينة ..
اطلت الحديدة بروعتها، لكن جروحها الغائرة ظهرت بوضوح ونحن نجوب شوارعها المحررة، والصمت المخيف كان يتقطع بدوي القصف الوحشي ..قالوا :(هدنة) غير انها مجرد تغطية لنزيف مدينة ادخلتها عصابة الحوثي غرفة الإنعاش وسكاكين المليشيات تواصل تمزيقها بوحشية.. حفروا في جسدها النابض الخنادق والانفاق.. زرعوا الألغام والعبوات الناسفة في مفاصل حياتها ، حولوا المنازل الى متاريس.. ووزعوا غرف النوم والطير مانات على القناصة.. يا الله .. ما ارحم الحديدة وأهلها.. لقد حول الهمج (عروس البحر الأحمر) الى مدينة اشباح، هجروا السكان من منازلهم بالقوة، واتخذوا من أجساد من تبقى دروع بشرية.. همجية ليس لها مثيل..
تشق السيارة الشوارع بسرعة تجعلك تتوهم انه يمكن لها ان تسبق رصاص القناصة وقذائف الهاون او الدبابات والصواريخ الحرارية التي تطلقها المليشيات لاستهداف حياة المقاومة الوطنية او زوار الحديدة.. الحوثيون يعيشون حالة من الهستيريا، يتصرفون بجنون ووحشية، فقد اعتبروا الحديدة بمثابة حوزة خاصة بهم تضاهي (قم ) في ايران ..وفجأة اصبح حراس الجمهورية والوية العمالقة واسود تهامة يتوغلون داخل المدينة اكثر واكثر ..
وبرغم بصيص الامل الذي يشع داخلك، الا إنك تقف بذهول وانت تشاهد كيف تطبق مليشيات الحوثي (سياسة الأرض المحروقة) في المدينة.. المساجد.. المنازل.. المحلات التجارية.. الورش.. محطات البترول.. المصانع.. الفنادق.. المدارس.. المستشفيات.. الخ. كل هذه المنشآت تعني الحياة للحديدة، لكن الميليشيات قضت على كل شيئ فيها حتى الميناء. فخراب ودمار داعش في بلاد الشام يكرره الحوثي في الحديدة وتعز بحماية دولية!!
وفي سط هذا الركام والدمار والرماد والدماء والروائح الخانقة، تخيل ان امامك يقف المبعوث الدولي.. وبين المتاريس تقف طاولة مجلس الامن.. بحماية الحرس الثوري الإيراني.. وارهابيو حزب الله اللبناني.. فكل هؤلاء يذرفون دموع التماسيح على الحديدة، بل وصلت البجاحة في بعض المنظمات الدولية ان تولول على أطفال الحديدة، في الوقت الذي تجد على الواقع انها تعمل على حرمانهم من المساعدات وظلت تكدسها في مخازنها حتى انتهت صلاحياتها ..
تسترجع ذاكرتك صور كثيرة لأطفال الحديدة الذين ماتوا جوعا فتتذكر دموع منسقة الشون الإنسانية وتصريحات الإرهابي حسن نصر الله، فتدرك فظاعة النفق المظلم الذي ينتظر مدينة الحديدة اذا قبل الجميع بالمقترحات المخيفة والحلول المستحيلة التي يروجها المبعوث الدولي.
ونحن نتبادل أطراف الحديث مع عدد من منتسبي المقاومة اليمنية عن مستقبل المدينة على ضوء التحركات والمبادرات الأخيرة، شعرنا بكارثية الحلول وبان ماسي المدينة وأهلها ستطول كثيرا.. لكن هذه الصورة القاتمة تبددت لدينا عندما وجدنا رجال المقاومة يردوا علينا بثقة: (نحن على الأرض.. واصحاب القول الفصل).
يتبع…