لن أحتفل بستمبر في ليلة سبتمبر..!!

آزال الصباري *
كنت قلت لن أحتفل بستمبر في ليلة #سبتمبر مخافة على نفسي من الاعتقال، لكني لم أستطع، قلت وأنت مالك يا آزال والاحتفال، ماذا سيفيد ماذا سيعيد احتفالك؟! لكني لم استطع.
قلت أتركي لك يا آزال، أغمضي عينيك يا آزال، لكني لم أستطع، من أيام وأنا أحاول، لكني لم أستطع إطفاء نفسي. فتعلقي براية هذا الوطن وأناشيد سبتمبر يشبه تعلق طفل بوجه أمه وصوتها وهي تدندن له أغنيته المعتادة لينام، فلتتركوني أحتفل..لن يضركم حب آزال لهذا اليوم….. أقسم لكم أني لن أضر حتى ناموسا صغيرا.
لم أنم منذ مايقارب أسبوع، لم أنم لأني اشتقت أن أعيش تفاصيل سبتمبر، أعتدت أن أحيا سبتمبر من أول يوم فيه، أتوشح وشاحي الملون بعلم الجمهورية، أستمع لأغنياتي المفضلة، وأستهل مقليي بصوتي الرديئ وهو يحاول اشباع جوعٍ يستحل الروح، أملأ البيت بضجيجي الذي لا يسمن ولا يغني ولكنه يملأني وطنا أفتقده.
قلت يا آزال أنت امرأة عاملة وعليك التزامات أهجعي لك، واكتبي عن برشلونة وريال مدريد، لكني لم استطع. لم استطع أنا امرأة نشأ وعي طفولتها الأولى على صوت أمها وهي تردد أناشيد سبتمبر وأكتوبر، يطربها أيوب (دمت يا سبتمبر التحرير يا فجر النظال..) وترقص على صوت علي الرداعي ( يا جماهير سبتمبر وأكتوبر….)،وتشجيها ترنيمة أبو بكر سالم (أمي اليمن أمي…).
كانت طفولتي في كنف أمٍّ تختفل كل عام بالأعياد الوطنية بطريقتها البسيطة،فسرت على طريقتها،كانت ترفع صوت التلفاز وتتكئ أمامه بهدوء تردد أناشيدها الوطنية وتنصت لبرامجه الوثائقية الوطنية بخشوع، تكتحل عينيها بالدموع وكأنما تسمعها لأول مرة، وكأنما كانت هي أم علي عبدالمغني أو أم الزبيري.
وحين رحلت أمي تولى أبي المهمة باقتدار، أبي رجل فكره وطن وصوته وطن، يتنفس الوطن، وتغذت سنوات عمره على الوطنية والمواطنة والمسالمة والتصالح.أبي رجل وطني من جالسة لساعات يعرف أن خلاصة الجلسة تقول ( الإنسان فكرة وصوت إذا حبسَ فكرته وأصمتَ صوتَه، فلم يبقَ منه شيء.)
أبي يقول مهما كانت أخطاء سبتمبر تظل هي فجر الوطن الذي نحبه ومهما جاء بعد أكتوبر فأكتوبر هي شمس الوطن، فكيف يمكن لامرأة مثلي تشربت هذه الأفكار أن تحب وطنا يخلو من فجره وشمسه.
لا تعتقلوني فأنا امرأة لا تعرف سوى الحب والتسامح والتصالح ولا تحمل سوى قلمٍ،قلم وحسب.. وهذا ليس توددا بل حقيقة يجب أن تعلموها.
- أديبة وكاتبة من اليمن
- من حائط الكاتبة على فيسبوك



