إسرائيل وإيران إنتهاء المصالح وبداية الأحقاد

عبود الحربي
عالم السياسة عالم متقلب كأمواج البحر ألتي تتبدل مابين المد والجزر والعامل المشترك بين النخب السياسية حول العالم هي لغة المصالح والمنافع المتبادلة ولاشىء ثابت ومقدس وعندما تنتهي المصالح تبداء الأحقاد وهذا هو الحاصل اليوم بين إيران وإسرائيل وبالعودة قليلا إلى الوراء سوف نجد مثلا أن الغرب وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية كانت من الداعمين والحلفاء لنظام محمد رضا بهلوي في إيران قبل الإطاحة به وبنظامه السياسي أواخر سبعينيات القرن الماضي من قبل المرجع الشيعي آية الله الخميني وأنصاره المدعومين وبقوة من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية رغم أن النظام البهلوي كان أقرب للدول ولـ ألثقافة والحضارة الغربية من نظام الخميني المعروف بتطرفه الديني والسياسي ولكن إلتقت المصالح الإستراتيجية بين جميع الأطراف ومن أجل تلك المصالح ضحى الغرب بأحد ادواته السياسية في المنطقة من أجل تحقيق مكاسب أكثر من الحكام الجدد لطهران ؛
صحيح أن نظام الخميني الشيعي المتطرف أظهر منذ اليوم الأول للحكم العداء العلني لـ أمريكا وأصفا إيها بالشيطان الأكبر وبنفس الوتيرة أظهر الإيرانيون كذلك العداء لـ إسرائيل رافعين شعار الموت لأمريكا الموت لإسرائيل وواصفين إياها بالشيطان الصغير وذهبوا إلى أبعد من ذلك وهو التعهد برمي إسرائيل إلى البحر وتحرير القدس وغير ذلك من الشعارات السياسية المعدة سلفا للدعاية الإعلامية والإستهلاك الجماهيري ولكن الحقيقة عكس ذلك حيث كان النظام الجديد في إيران يعمل بطرق سرية على بناء علاقات سياسية وإقتصادية مع أعداءه في واشنطن وتل أبيب ولعل فضيحة تقديم الدعم اللوجستي الإسرائيلي للإيرانيين أثناء الحرب الإيرانية العراقية 1980-1988 فضحت المستور والتي كانت عبارة عن بيع إسرائيل لأسلحة ومعدات وذخائر عسكرية بقيمة 75 مليون دولار أمريكي كمرحلة أولى تلى ذلك مبيعات أسلحة متنوعة بلغت قيمتها 500 مليون دولار إضافة إلى قيام سلاح الجو الإسرائيلي بتدمير مفاعل أوزيراك النووي العراقي وذلك بالتعاون والتنسيق مع الجيش الإيراني الذي كان يخوض حربا حقيقية مع الجيش العراقي آنذاك كل ذلك الدعم والتعاون أظهرالعلاقة السرية بين إيران وإسرائيل منذ وقت مبكر من سيطرة أصحاب ولاية الفقي بقيادة الخميني على السلطة في إيران ؛
وفي الجانب التجاري كان هناك تعاون كبير في عددا من المجالات منها الإستشارات الهندسية وتبادل للسلع الغذائية والخدمات الزراعية والأسمدة والرخام وغير ذلك وهذا مانشرته قبل سنوات صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية التي يقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات وفي هذا المضمار يقول رئيس جمعية الصداقة الاسرائيلية العربية يهوشوا ميري “بغض النظر عما نشاهده على أرض الواقع فإن العلاقات التجارية السرية مع إيران تقدر بعشرات الملايين من الدولارات سنويا” هذا فيض من غيض وقليل من كثير عن العلاقات السرية بين النظام الإيراني وإسرائيل والتي تم نشرها قبل سنوات من قبل الصحافة الإسرائيلية،
وفي دهاليز السياسة الدولية المعقدة فقد نشاءت تفاهمات محورية وتعاون بين النظام الإيراني والجماعات الشيعية التابعة لها من جهة وبين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والدول الغربية من جهة أخرى في عددا من الملفات الساخنة لعل أبرزها الملف الأفغاني والعراقي الذي لولا الدعم والمساعدة الإيرانية لما إستطاعات أمريكا إحتلال أفغانستان سنة 2001 والعراق سنة 2003 ومن ثم تسليم رقبة الرئيس العراقي السابق صدام حسين من قبل الأمريكيين للشيعة العراقيين وإعدامه صبيحة يوم عيد الأضحى سنة 1427 ه الموافق 30 ديسمبر 2006 وقبل ذلك صدور فتوى السستاني الشهيرة بحرمة قتال القوات الأمريكية وبعد ذلك تسليم العراق على طبق من ذهب للمليشيات الشيعية العراقية المدعومة من إيران من قبل قوات الغزو الأمريكي ومن يراجع كتاب الموسوي “لله ثم للتأريخ” وتصريحات الأمين العام الأسبق لحزب الله صبحي الطفيلي الذي سجل إعترافه الشهير بدور حزب الله اللبناني في حراسة دولة الكيان الصهيوني منذ سنوات،.
إسرائيل وإيران أصدقاء الأمس أعداء اليوم يتقاتلون من أجل تنفيذ مشاريعهم التوسعية في المنطقة وذلك لعدم وجود مشروع عربي أو إسلامي مناهض للمشروع الإيراني “الفارسي” الذي يسعى القائمون عليه إلى إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية القديمة عبر مايسمى بتصدير الثورة الإيرانية للدول العربية والإسلامية والذي حقق فيه الإيرانيين مكاسب سياسية على الأرض وذلك من خلال السيطرة على أربع عواصم عربية قبل الأحداث والتطورات الأخيرة التي أعادت بيروت ودمشق إلى المحيط العربي وبقيت بغداد وصنعاء تحت سيطرتها حتى الآن وفي الإتجاه الأخر هناك المشروع الإسرائيلي الذي يسعى اليهود من خلاله إلى إقامة مملكة إسرائيل الكبرى بحدودها الممتدة من الفرات إلى النيل والتي تعرف بأرض الميعاد وتشمل فلسطين والأردن ولبنان وسوريا ومصر وأجزاء من العراق والسعودية وهذا ليس من وحي الخيال ولكنها حقائق موجودة في التوراة وفي العقيدة اليهودية وفي أذهان ومخططات حاخامات وساسة دولة إسرائيل الحاليين،
تبقى الحرب الدائرة حاليا بين إسرائيل وإيران حرب إنتهاء مصالح لا أقل ولا أكثر وربما غدا أو بعد غد يتصالحون ويعودون مرة أخرى إلى تأمرهم وتعاونهم ضد العرب والمسلمين والأحداث التأريخية تثبت غدر الشيعة بأهل الإسلام منذ خيانة نصير الطوسي ومحمد ابن العلقمي للخليفة العباسي وتأمرهم مع هولاكو لغزو بغداد وقتل المسلمين وحتى خيانتهم حديثا للعرب والمسلمين في لبنان وأفغانستان والعراق وتأمرهم مع الأمريكيين واليهود في إسقاط الدول السنية وضرب المشروع النووي العراقي وتشكيل مليشيات مسلحة لحماية دولة إسرائيل وذلك حسب تصريحات الأمين العام الأسبق لحزب الله اللبناني الأسبق صبحي الطفيلي الذي قال: “إن حزب الله هو حرس حدود لإسرائيل ” فلا داعي لتجاهل البعض لمثل هذه الحقائق، ولا داعي كذلك للمزيد من الجهل والتجهيل. فإيران عدو، وإسرائيل عدو آخر. ومن ينتصر في هذه الحرب سوف يوجه أسلحته إلى صدور العرب والمسلمين. ويكفي نظرة سريعة إلى جرائم الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة من قبل إسرائيل، ونظرة أخرى إلى جرائم القتل والتهجير والتفجير الممنهج ضد أبناء الشعب العربي في الأحواز المحتلة، وفي العراق واليمن من قبل الجماعات الشيعية المدعومة من إيران. وقبل ذلك، في سوريا التي حُررت مؤخراً من نظام الأسد ومن المليشيات الشيعية التي تقاطرت إلى سوريا من كل حدب وصوب لإبادة الشعب العربي السوري بدوافع طائفية وبدعم إيراني كامل.